الثلاثاء، 7 أكتوبر 2008

أبجديّة آدم وحوّاء



دأبت تلملم بضع قمصانه المبعثرة على أرضية تلك الغرفة الّتي تآكلها الغبار. نزعت تلك الملاءة المتّشحة بالاصفرار عن سريره وأزاحت الستار لينبثق شقٌّ من الضوء في تلك العتمة. زجاجات خمر فارغة وسجائر منطفئة في كل ركن... جلست على ذاك الكرسي الصغير في زاوية الغرفة. شدّت بيدها على فوطة المسح تعصرها وتعصر نفسها كي تبكي ولكنّ أقسى أنواع المآقي هو ذاك الّي يتمنّع عن الانسكاب ويعلق في الحنجرة دون أيّ سبيل للخروج. سمعت صرير الباب. لملمت جراحها. تماسكت نفسها وتظاهرت بالانهماك بالتنظيف علّه لا يلاحظ تجهّمها. ألقى التحية فبادرته بالمثل محاولة أن تشيح النظر عنه. اقترب منها. أمسك يدها وثبّت عينيه في عينيها الّتين تحاولان الهرب قبل أن يصيبهما انهيار تام. اخترقت علامات الأسى على وجهها ابتسامة من النوع الّذي نرسمه قبل أن ينهمر وابل الدموع. ولكن, هذه المرّة سبقها هو! أجلسها على ذاك الكرسي ليدفن رأسه بين أحضانها ويجهش بالبكاء كما لم يفعل من قبل, كطفل صغير سرقت منه قطع حلوى جمعها مطوّلاً في أيّام العيد. غمرته بشدّة, بقوّة أقحمت دموعه بين دموعها ليختلط الملح... هو يبكي وهي تبكي ولا أحد يفهم ماذا يجري...
ساعات مضت وهو بين أحضانها دون أيّ كلام, صمت كليّ مقدّس لا يقاطعه أيّ ضجيج... روحان تتعانقان بعيداً عن سخافات أبجدية آدم وحوّاء وتصدران بدل الحروف مقطوعات موسيقية من أنين. انطفأ النهار ولامس الضوء أطرافهما ولم يسمع في الصباح سوى ضحكات امرأة ورجل تغلّبا على الحياة...

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية